اهتمام لافت بالدراسات العليا فى مجال التنمية البشرية لتطوير استراتيجيات قطاع البترول المصري
في عصر يشهد تحولات متسارعة يقودها الاقتصاد المعرفي والتحول الرقمي، تبرز أهمية الاستثمار في العنصر البشري كأحد أبرز عوامل التنافسية والاستدامة، لا سيما في القطاعات الحيوية مثل قطاع البترول والغاز. حيث تهدف وزارة البترول والثروة المعدنية في مصر إلى تطوير الموارد البشرية لتعزيز الأداء والإنتاجية، وتوفير بيئة عمل محفزة، وتمكين العاملين ورفع كفاءتهم ومن هذا المنطلق، تتجلى أهمية تطبيق الدراسات العليا المتخصصة في التنمية البشرية داخل الكيانات الاستراتيجية، وفي مقدمتها الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس).
لقد تناولت دراستان حديثتان، تم مناقشتها ضمن متطلبات نيل درجة الدكتوراه المهنية في الإدارة الحديثة للموارد البشرية بجامعة القاهرة، أبعادًا محورية حول تطوير أداء العاملين واستراتيجيات إدارة المواهب والتحول الرقمي، كلتاهما ركزتا على واقع شركة إيجاس كحالة تطبيقية واقعية.
إدارة المواهب… من الاختيار إلى التمكين
أوضحت دراسة الدكتورة مروة فوزي أحمد حسن مدير عام تنمية الكوادر والكفاءات-بعنوان ( اثر تطبيق استراتيجيات إدارة المواهب على تحسين أداء العاملين ) أن تطبيق استراتيجيات فعالة لإدارة المواهب داخل “إيجاس” يسهم بشكل مباشر في تحسين أداء العاملين ورفع كفاءة الشركة التنافسية. مما يساعد على التكيف السريع مع المتغيرات، وتوفر حلولًا مبتكرة للمشكلات، كما تؤمن تعاقبًا إداريًا مستدامًا من خلال وضع الفرد المناسب في المكان المناسب.
كما شددت الدراسة على أهمية استخدام التحول الرقمي في عمليات استقطاب وتعيين وتطوير الكفاءات البشرية، ما يتيح فرصًا أفضل لتشكيل فرق عمل منتجة وقادرة على الإبداع، مما ينعكس على تحقيق أهداف الشركة وتحسين موقعها بين منافسيها.
التحول الرقمي كأداة لتحديث إدارة التدريب
أما دراسة الدكتور هاني محي الدين أحمد مدير عام مساعد الدراسات والتقييم التدريبي-بعنوان (دور التحول الرقمي في دعم الموارد البشرية) فقد سلطت الضوء على العلاقة الوثيقة بين أبعاد التحول الرقمي ونجاح إدارات تنمية الموارد البشرية، خاصة إدارات التدريب داخل “إيجاس” والشركات التابعة لها. وتوصلت الدراسة إلى وجود ارتباط إيجابي قوي بين التحول الرقمي ودعم التنمية البشرية، وكان أبرز هذه الأبعاد هو “المتطلبات البشرية”، يليه تمويل التحول الرقمي كما اشارت الدراسة الى اهمية الاتصالات والتفاعل فى عمليات الاختيار والتعيين والتدريب والتطوير الجيد والتحفيز المستمر.
الدراسة شددت على أن التحول الرقمي لم يعد رفاهية أو خيارًا إضافيًا، بل أصبح “وسيلة بقاء” داخل مؤسسات تتنافس في بيئة مفتوحة وسريعة التغير، حيث يُعاد تصميم العمليات التشغيلية والنماذج الإدارية عبر أدوات ذكية لتحسين جودة الخدمات وكفاءة الأداء.
ايجاس تسعى نحو ثقافة مؤسسية متجددة
ما يجمع الدراستين أن كليهما ينادي بتبني استراتيجيات مؤسسية متكاملة، تقوم على أسس علمية وتدريب مستمر وتحول رقمي شامل. ويُعد توظيف الدراسات العليا التطبيقية في مجالات التنمية البشرية كأداة محورية لتحسين جودة اتخاذ القرار داخل المؤسسات، وتوفير قاعدة بيانات معرفية تؤسس لفكر إداري قائم على الابتكار.
كما أن الدراسات تؤكد أن تطوير أداء العاملين لا يتحقق فقط عبر التدريب التقليدي، بل من خلال سياسات ممنهجة تستند إلى تحليل البيانات وتقييم الأداء وتخطيط التعاقب القيادي واستثمار المواهب.
ختامًا إن ما قدمته دراستا الدكتورة مروة حسن والدكتور هاني محي الدين يعكس توجهًا ناضجًا داخل –ايجاس -نحو ترسيخ ثقافة علمية قائمة على البحث والتطبيق في تطوير الكوادر البشرية، الأمر الذي ينبغي تعميمه على باقي كيانات قطاع البترول المصري.
فالدراسات العليا ليست فقط مسارًا أكاديميًا، بل هي أداة استراتيجية تعزز من كفاءة المؤسسات وتدعم قدرتها على مواكبة المتغيرات واستباق المستقبل، وهو ما تحتاجه مصر في طريقها نحو تنمية مستدامة وشاملة في أحد أهم قطاعاتها الاقتصادية.