قصة حقل من البئر إلى المستهلك
يتساءل الكثيرون عند وقوفهم أمام محطة وقود أو شراء أي منتجات بترولية عن كيفية استخراج تلك المنتجات من باطن الارض، وكيفية تحويلها إلى مشتقات عديدة نستخدمها فى حياتنا اليومية كالبنزين والسولار والبوتاجاز والغاز الطبيعى.
ما لا يعرفه البعض أن استخراج البترول من باطن الأرض يمر بالعديد من المراحل، حتى يتم إنتاجه وتكريره ليكون صالحًا للاستخدام.
وفي هذا العدد من مجلة غاز نت، نبدأ في استعرض سلسة حلقات نقوم بعرضها تباعاً تتعلق برحلة استخراج البترول والغاز الطبيعى بدايةً من: 1)التعريف بكيفية تكون البترول وطبيعته كوقود أحفوري، 2) ورحلة تسويق المناطق المفتوحة عالمياً (الأماكن التي من المتوقع أن يوجد البترول بها) بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية للعمل بهذا القطاع الحيوي، 3) وكذلك إبرام الاتفاقيات البترولية وإصدارها بقانون، 4) مرواً بمراحل البحث والاستكشاف وعمليات حفر الآبار، 5) وصولاً إلى إنتاج البترول ومعالجته بتسهيلات الانتاج وتكريره وفصله لمنتجات تصلح للإستخدام الصناعي والتجاري والمنزلي .
الحلقة الأولى:
البداية مع تعريف البترول ونشأته:
النفط هو وقود أحفوري يعود أصله إلى مواد عضوية وبقايا لكائنات حية وطحالب ونباتات عاشت قبل ملايين السنين ماتت دُفنت وتعرضت جثثها لعوامل التحلل المختلفة، ومع الزمن تزداد سماكة الطبقة المدفونة تحتها تلك البقايا العضوية، بمختلف محتوياتها من تربة وصخور وبقايا مختلفة، وهو ما يؤدي إلى زيادة الضغط والحرارة المعرضة لها، ومع مرور ملايين السنين، ومع زيادة العمق التي وصلت إليه البقايا العضوية (النباتات والحيوانات) تحطيم الروابط بين ذرات الكربون في المادة الحية، وتتحول تلك البقايا إلى أحد أشهر أنواع الوقود الأحفوري هو البترول.
ويأتي البترول بألوان وكثافات مختلفة، وهو نفاذ الرائحة، ويكون صافيًا أحيانًا، أو مليئًا بالشوائب في أحيان أخرى. وكلمة البترول تشمل الزيت الخام والغاز الطبيعي.
وتعتمد الكمية النسبية لكل من الزيت الخام والغاز الطبيعى على عمق العينة وما تعرضت له من ضغط وحرارة، حيث انه كلما ازداد العمق، زادت نسبة الغاز، ويمكننا العثور في الأعماق الكبيرة على بقع من الوقود الأحفوري والتي تحوي الغاز النقي وحده.
الحلقة الثانية:
تسويق القطاعات المفتوحة:
تقوم وزارة البترول والثروة المعدنية بوضع خطتها الاستراتيجية والمتعلقة بحجم الاستثمارات المستهدفة لقطاع البترول والتي تشتمل على عدد القطاعات المتوقع تسويقها علمياً لجذب تلك الاستثمارات، وتقوم الوزارة بتفويض شركاتها التابعة ممثلة فى الهيئة المصرية العامة للبترول "الهيئة" والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" وشركة جنوب الوداى للبترول "جنوب" فى تجهيز وتوفير كافة البيانات والمعلومات الجيولوجية والجيوفيزيائية المتاحة عن المناطق المفتوحة المطلوب طرحها، مثل بيانات المسوحات السيزمية السابقة في تلك المناطق وبيانات ونتائج حفر الآبار التى حُفرت فيها، بالإضافة إلى أهم البنود والشروط الأساسية والمطلوبة للتعاقد على تلك المناطق وكذلك تجهيز نموذج العقود التي ستحكم العلاقة بين الدولة أو ممثليها وشركات البحث أثناء علميات البحث والاستكشاف والإنتاج والذي يشمل ايضاً المتطلبات التقنية والإدارية. يتم الإعلان عن فتح مزايدات عالمية تُشارك فيها شركات البحث العالمية لتتنافس على المناطق المفتوحة من خلال وسائل الإعلان الرسمية (جرائد محلية ودولية) كما يتم الإعلان عن المواعيد النهائية لتقديم العروض. اثناء فترات فتح المزايدة تقوم كبرى الشركات العالمية بدراسة البيانات المتاحة وتحديد أولوياتها طبقاً لاحتياجاتها، وتتم عمليات تسويق المناطق المفتوحة عن طريق إدارات التسويق المعنية في قطاع البترول وذلك من خلال المشاركة في المؤتمرات الدولية المتخصصة ومن خلال الاجتماعات الدورية للجمعيات البترولية على مستوى العالم، حيث تقوم فرق التسويق بالترويج للمناطق المفتوحة وإظهار الاحتمالات البترولية بها، بالإضافة إلى الترويج لسهولة دخول المستثمرين الجادين قطاع البترول المصري. وفي حالة اقتناع ممثلي الشركات العالمية بتميز القطاعات المطروحة ووجود فرصة لتحقيق اكتشافات بترولية كبيرة، تقوم تلك الشركات بتجهيز برنامج العمل الفني والمالي الخاص بالمنطقة (المناطق)التي اختارت أن تتنافس عليها ثم تتقدم بالعطاءات الفنية والمالية للجهة الطارحة للمزايدة في الموعد المحدد لتلقي العروض.
يتم فتح وتقييم العطاءات من خلال لجان تُشكل خصيصاً لذلك، ويتم اختيار العطاء الأفضل فنياً (تصنيف الشركة المطلوب بالنسبة للمناطق المطروحة، مواصفات وقدرة الشركة، سابقة أعملها ومركزها المالي) وبعده يتم تقييم العطاء المالي الخاص بكل عطاء فني مقبول على أن يتضمن أفضل برنامج عمل ويتماشى مع كافة الأحكام والشروط المعلنة في المزايدة. ويتم إعلان ترسية المنطقة على الشركة الفائزة.
الحلقة الثالثة:
إبرام الاتفاقيات البترولية وإصدارها بقانون:
يتم تفريغ العرض المقدم من الشركة الفائزة في الاتفاقية باللغتين العربية والأنجليزية، ويتم عقد عدة اجتماعات بين ممثلي شركة إيجاس وممثلي الشركة الأجنبية بهدف الإنتهاء من صياغة الاتفاقية، ويتم التوقيع عليها مبدئياً من الأطراف.
نظراً لأن الاستثمارات التي تتم في هذا القطاع هي استثمارات بملايين الدولارات وهي أحد اهم عناصر الاستثمارات الأجنبية التي تعتمد عليها الدولة المصرية، فإن اتفاقية البحث التي تتم بين الشريك الأجنبي وشركة إيجاس تصدر في صورة قانون خاص، يصدر من خلال القنوات التشريعية اللازمة، ويمر بكل
المراحل التي يمر بها أي قانون يصدر عن الدولة، ويتم التوقيع عليها من السيد/ وزير البترول والثروة المعدنية (بصفته ممثلاً عن الحكومة).
بعد التوقيع المبدئي على الاتفاقية يتم التعامل معها على أنها مشروع قانون، يتم عرضه على الجهات الرسمية الآتية:-
- مجلس الدولة ويتم ذلك من خلال لجنتين رئيستين هناك هما لجنة الفتوى (تراجع صياغة الاتفاقية) ولجنة التشريع (تراجع الشروط والبنود الرئيسية للاتفاقية)؛
- مجلس الوزراء للحصول على موافقته ودعمه لتنفيذ بنود الاتفاقية؛
- مجلس الشعب يتم عرض مشروع القانون على اللجان المتخصصة أولاً (لجنة الطاقة والبيئة، وهي اللجنة المعنية بهذا النوع من التشريعات) ثم يتم عرض مشروع القانون في الجلسة العامة لمجلس الشعب بهدف إصادر الاتفاقية في صورة قانون.
بعد صدور القانون يتم توقيع الاتفاقية توقيعاً نهائياً من كل أطرافها، 1) ممثل الشركة الأجنبية؛ 2) ممثل شركة إيجاس؛ 3) ممثل الحكومة (وزير البترول).
ويبدأ الشريك الاجنبى فى تنفيذ بنود الاتفاقية والدخول فى فترات البحث المتفق عليها وتنفيذ برنامج العمل.
الحلقة الرابعة:
مراحل البحث والاستكشاف وعمليات حفر الآبار:
يقوم فريق الاستكشاف بالتنقيب عن النفط تحت سطح الأرض، باستخدام التكنولوجيا الأوليّة كالمسح السيزمي، وحفر الآبار، وذلك حتى يتمكنوا من تحديد مواقع حقول النفط، وتُكلف عملية التنقيب أموالًا طائلةً، وهي عملية محفوفة بالمخاطر وذلك بسبب: المواقع الجغرافية النائية وصعوبة التضاريس وحساسية المجتمعات الحيوية والبيئية والسلامة العامة، إذ توجد العديد من الحوادث التي قد يتعرض لها العاملون أثناء عمليات المسح اللازمة وعمليات حفر الآبار، أيضاً توجد مخاطر مالية كبيرة لذا فإن الأمر قد يتطلب عقودًا وسنواتٍ من البحث وحفر الآبار لإيجاد النفط.
فى حالة وجود مؤشرات عن كشف بترولى يتم حفر آبار تقييميه للحصول على المزيد من المعلومات حول هذا الكشف ويُعاد في هذه المرحلة المسح السيزمي للحصول على معلومات أكثر دقه ، إذ تساعد هذه البيانات فى فهم طبيعة الخزان ومعرفة خصائصة معرفة جيدة لتحديد أفضل الطرق للإنتاج منه بأفضل صورة ممكنة
ونلخص عملية التنقيب (الحفر والإكمال) عن النفط فى النقاط الآتية:
- تجهيز موقع الحفر:
يتم ذلك من خلال بناء البنية التحتية فوق الأرض من منصات وتمهيد طرق الوصول إلى الموقع، بالإضافة إلى التأكد من إجراءات الأمن والسلامة وفق القوانين المحلية والدولية المعمول بها في هذا الشأن.
- أجهزة الحفر وبدء التنقيب:
يجب إحضار جهاز الحفر وتجميعه في موقع العمل، ثم بدء عملية الحفر العميق، بداية من الثقب السطحي لأسفل حتى عمق 100 قدم تحت أعمق طبقة مياه جوفية معروفة، ثم تثبيت الغلاف الفولاذي في مكانه لتجنب تلويث طبقات المياه الجوفية.
وبعد هذه الخطوة يبدأ الحفر لمسافة أعمق قد تصل إلى 1000 قدم حيث المنطقة التي تضم النفط والغاز، وتوجه الحفرة إلى قلب هذه المنطقة أفقيًا، ربما لمسافة ميل أو ميلين آخرين.
وهنا نؤكد أن الحفر الأفقي، على عكس العمودي، يقلل من تأثير اضطراب الأرض وحجمها، إذ يسمح للحفارين باستخدام وسادة حفر واحدة لعدة آبار، بدلًا من استخدام عدة منصات.
- التثبيت والاختبار:
بمجرد الوصول للمسافة المستهدفة، يُزال أنبوب الحفر، ويُدفع الأنبوب الفولاذي إلى أسفل، لتثبيت "غلاف البئر" في مكانه، وتجري اختبارات صارمة للتأكد من أن الأنابيب غير مسربة قبل حدوث أي إنتاج للغاز الطبيعي أو النفط.
- حفر وإكمال البئر:
يتم حفر البئر باستخدام دقاق الحفر للتثقيب فى طبقات الصخور الحاملة للمواد البترولية الموجودة فى اعمق جزء من البئر ما يؤدي إلى إحدات ثقوب تربط الصخور التي تحمل النفط وبمجرد اكتمال الحفر يبدأ الإنتاج من خلال مواسر الانتاج التى يتم وضعها داخل البئر للوصول الى الارض.
أعده / منال شاكر